Wednesday, November 7, 2007

لن لأعود إليكِ


إذا خرجت لن أعود إليكِ
لقد عانيت منكِ الكثير
وعود وأحلام وأماني
منها الصادق ومنها مادون ذلك
صبر وألم وأمل
في إنتظار نور آخر الطريق
لقد وصلت معك لحد الإختناق
لا أستطيع أن أفكر أو أتكلم
لا أستطيع حتى أن أتنفس
لقد أحسست الآن بالإحساس الذي يشعر به
من يموت مختنقا أو غريق
بداية لم أكن أتمنى أن أبدئها معكِ
فإذا خرجت فلن أعود إليكِ
***
أتمني أن أتحرر من كل القيود
وأتمنى ألا أضطر يوماً أن أعود
إذا وجدت هناك ما أنشده
فلماذا أفكر أن أتركه
***
لن أتوقف عن تجرع كأس الأمل
الذي يذهب بعقلي إلي ما أتمناه
الذي يزين أيامي بكل الزينة والجاه
الذي يأخذني من واقعي المرير
إلي أرض لا أجد بها إلا كل الحب والدفء والحياة
الحياة التي وهبنا الله إياها كي نبني
نبني أنفسنا ، نحمل الأمانة
لكي نزيل بسواعدنا أسوار الذل والمهانة
لكي نذيب بإرادتنا كل أشكال الشر لديك
فإذا خرجت فلن أعود إليكِ
***
لقد كنت دوما كالسور العالي الذي حاولت أن أتخطاه
وتسلحت بإيماني وأملي وصبري
وكلما وصلت إلي نهاية هذا السور
أو هكذا كانت تصور لي كؤؤس الأمل
أعدتيني إلي واقعي المرير وأبعدتيني بعيدا عنكِ
فإذا خرجت فلن أعود إليكِ
***
أحيانا أتخيل نفسي طعام مر المذاق كالعلقم
وجدتيه - رغما عنك- بين فكيك فكرهت أن تمضغيه
فلا تزالين عليه ناقمة حتى لفظتيه
وقد كنت دوماً أتمني أن أكون مثل القطة الصغيرة
وأنت الأم التي تخافين علي وتعبرين بي كل الصعاب
وأنا بين فكيك
فإذا خرجت فلن أعود إليكِ
***
أعترف الآن أني في قمة أحلامي
أو لنقل في قمة ذهاب عقلي بكأسي
إني أتجرع هذا الكأس الآن ولا أريد أن أفيق
وكلما تذكرت واقعي المرير ، حزنت وأفرغت المزيد
فما ألبث أن أذهب بخيالي إلي عالمي البعيد
حتى أجد نفسي أهوي علي كرسي مكتبي في هذا المكان الموحش
في مقبرتي التي لم أبنيها والتي أرقد فيها الآن رغما عني
ولو كان سكان القبور يستطيعون أن يخرجوا منها
لكنت أول الخارجين
ولكن الجميع ينتظر ويتأهب حتى يأتي أمر الله
وأنا أنتظر الآن مع المنتظرين
***
ولقد حاولت أن انظر إلي أي جميل فيك
حتى لا أكون كصاحب "إيليا" الناظر إلي الشوك
وكلما حاولت أن أبدأ معك من جديد
أجدك ترفضيني وكأني جسم غريب دخل إلي عالمك
فإذا خرجت فلن أعود إليك
***
إنتهيت الآن وقمت بتوقيعي
وأنا علي مكتبي أو لنقل ممدد في مقبرتي
أسأل نفسي الآن وأتمني أن يكون معي تلك البللورة السحرية
التي كانت تبهرنا بها الساحرة إذا نظرت إليها
كانت تنظر إلي المستقبل وتعرف ما يحدث فيه
ولكن هذا كان في أفلام الصغار
لكم تمنيت الآن أن تكون معي تلك البللورة السحرية
أنظر بها إلي أيامي القادمة
أري نفسي فيها وأنا ممدد علي شبكتي الواصلة بين شجرتين
في حقل أخضر فسيح وأمامي السماء الجميلة
أبعد ما أرى منها عندما تتصل مع الأرض
وأجمل ما أرى فيها عندما تلتقي الشمس معهم
ما أجمل هذا الحلم
أجد نفسي الآن أسكر ثانية
وما أكثر رغبتي الآن أن يتحول هذا الخمر
إلي مشروب القهوة الذي أستعين به حتى أصل
إلي ما أتمناه بعيدا عنك
فإذا خرجت فلن أعود إليكِ
إذا خرجت لن أعود إليكِ

Tuesday, October 30, 2007

أنين شجـــــــــــرة


كنت دوماً أتسائل عن هذه الشجرة
التي منذ أن كانت حبة صغيرة ألقيت في الأرض
إلي أن أصبحت شجرة كبيرة خضراء
لها أصل ثابت ولها فرع في السماء
ثم وجدت نفسها فجأة تخرج من تلك الأرض
التي لبثت فيها لعشرات السنين
لتجد نفسها الآن في أرض أخرى بعيدة
وأناس أخرى غريبة
***
أرض .. غير الأرض التي إمتد فيها أصلها
وسماء .. غير السماء التي علا فيها فرعها
وماء تسقى به .. غير الماء الذي إخضر به لونها
لقد أحسست الآن بإحساسها وإني لأظنها الآن تبكي
مثلما أبكي أنا
ولطالما سألت نفسي عن أحلامي
أي منها يتحقق وأي منها يمضى
مثلما أمضي أنا
***
عندما كانت هناك .. في بيت أناس تعرفهم
تقريبا لم تعرف سواهم
كانوا يهتمون بها ، كانوا يروونها بالماء
كانوا يسعدون بلونها
وكانوا يستظلون في ظلها
وكانوا يقتاتون من ثمرها
***
كانت تسعد لسعادتهم
فيزينونها بكل الزينة لتظهر في أبهي صورة
كانت تسعد بالأولاد الصغار وهم يعدون حولها
ويحاول أحدهم أن يتسلقها
وكانت تألم إذا سقط وصرخ
***
عندما يأتي الخريف
تتساقط عنها أوراقها الذابلة القديمة
كما تتساقط الذكريات المؤلمة من الذاكرة
ويظن الجميع بأنها حزينة
لا إنها لم تحزن أبدا في تلك الأرض
كانت تعلم أنها تتهيأ لإرتداء الثوب الجديد
كالطفل الذي لا يهتم بثوبه البالي
إستعدادا لإستقبال ثوب العيد
***
عندما يأتي الشتاء
كانت تسعد بالأمطار
وكانت تشدو مع الأطفال
كانت تقف أمام الريح لا تأبه به
كيف يؤثر الريح في من كان له أصل مثلها
وتري أجمل اللوحات عند بزوغ الشمس
عندما تكتمل اللوحة بظهور القوس
ليقف اللسان عاجزا عن الوصف
ذاكرا لله ... مرددا سبحان الله

***
عندما يأتي الربيع
هنا يستعد الجميع
لبدأ المهرجان
إنه مهرجان الألوان
فيه تتفتح أزهارها ويخضر لونها
ما أسعدها في هذا اليوم
وهيا ترتدي ثوب العيد
وما أسعدها هذا اليوم
وهيا تجد نفسها بين من تحب
جاءوها ليسألوها ظلها وينعموا بعبير أزهارها
ويعيشوا معها فرحة العيد
***
عندما يأتي الصيف
يبدأ موسم الإنطلاق
لعب مع الأولاد وسهر حتى بزوغ الفجر
نعم لقد كانت تسهر معهم
تستمع إلي حكاياتهم وضحكاتهم
وتشم رائحة الشواء في ليالي الصيف الحارة
وعندما ينام الجميع
تبقي هي تنتظر الشمس
لترديد أذكار الصباح
***
مر بها هذا الشريط وهيا في هذه الأرض البعيدة
وتتسائل كل يوم لماذا ذهبت هناك
لا أدري عندما أقول "ذهبت"
هل ذهبت بإرادتها أم أجبرت علي الذهاب
لا يهم الأن المهم هوا النتيجة
حيث لم تجد من يهتم بها ويرعاها ،حيث الكل يهتم بنفسه
إصفر لونها
وتساقطت أوراقها
وزاد نحيبها
وأوشكت علي الهلاك



علي عبد المنعم
الدوحة – قطر 25 أكتوبر 2007